الجمعة، 28 فبراير 2014

في العلاقة بين الحكام والمحكوم

نصوص التعامل مع الحاكم كثيرة عديدة تتناوب ما بين الصبر عليه والطاعة الى وجوب انكار منكره وتعدد اساليب ذلك الانكار 
تاهت في هذه القضية افهام وزلت اقدام 
والناس فيها بين افراط وتفريط الا من هدى الله 
وممن نحسبهم مهديين في هذه القضية الشرعية شيخنا الشاذلي
الذي عالج النصوص بنفس تأصيلي فريد 
فجعل العلاقة مع الحاكم على ثمانية مناطات هاكم تفصيلها...

في العلاقة بين الحكام والمحكوم
===================
جعلت اقوام العلاقة مع الحاكم محكومة بالصبر عليه مهما بلغ فسقه وظلمه وبغيه وجوره
بينما العلاقة مع الحاكم توزع على ثمانية مناطات

المناط الاول: الصبر
وهو حق في النبوة والخلافة الراشدة واخره "خير فيه دخن" ثم تنتهي مرحلة الصبر
والصبر هنا ان تصبر على اقامة حد او اخذ مال منك بحقه واللواجب عندها ان تطوع نفسك لتقبل الحق وتصبر وهو معنى الطاعة في المكره في قوله عليه السلام "المنشط والمكره"

المناط الثاني: الكره والانكار
"ثم يكون امراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برأ ومن انكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع...حديث ام سلمة عند مسلم
وهنا موقف اخر غير الصبر هو الكره والانكار
"فقالوا يا رسول الله افلا نقاتلهم قال لا ما اقاموا الصلاة"..نفس الحديث
فهي مختصة بهذا المناط فقط ولا تنطبق على من يقصي شرع الله وينحي الشريعة ويقاتل المسلمين وولاءه وبراءه لغير الدين ويصد عن سبيل الله ويتولى الكافرين بعد هذا يأتيك اوقام ويقولون ما اقاموا فيكم الصلاة !!
فهي اذا لهذا المناط "تعرفون وتنكرون" فقط وما تعرفون اكثر مما تنكرون لانه قدم ما نعرف على ما ننكر
ثم جاءت الملامة على من رضي وتابع فيكون له من الاثم مثل ما لهم

المناط الثالث: الاعتزال
"لَيأتيَنَّ عليكم أمراءُ يُقرِّبونَ شرارَ النَّاسَ ويُؤخِّرونَ الصَّلاةَ عن مواقيتِها فمَن أدرَك ذلك منكم فلا يكونَنَّ عَريفًا ولا شُرطيًّا ولا جابيًا ولا خازنًا" الالباني صحيح الترغيب
فهو اعتزال كلي
بؤيده حديث كعب بن عجرة " إنَّها ستكونُ بَعدي أمراءُ يَكذِبونَ ويَظلِمونَ . فمَن دخلَ عليهِم فصدَّقَهُم بكَذِبِهم وأعانَهم علَى ظُلمِهم, فلَيسَ منِّي ولستُ منهُ وليسَ بواردٍ عليَّ الحَوضَ . ومَن لَم يُصدِّقْهُم بكَذِبِهم ويُعِنهم علَى ظُلمِهم فَهو منِّي وأنا مِنهُ وهوَ واردٌ عليَّ الحَوضَ ."

المناط الرابع: الجهاد بانواعه
وفيه حديث عبدالله بن مسعود عند مسلم " ما مِن نبيٍّ بعَثه اللهُ في أُمَّةٍ قَبلي ، إلا كان له مِن أُمَّتِه حَوارِيُّونَ وأصحابٌ . يأخُذونَ بسُنَّتِه ويقتَدونَ بأمرِه . ثم إنها تَخلُفُ مِن بعدِهم خُلوفٌ . يقولونَ ما لا يَفعَلونَ . ويَفعَلونَ ما لا يؤمَرونَ . فمَن جاهَدهم بيدِه فهو مؤمنٌ ومَن جاهَدهم بلسانِه فهو مؤمنٌ ومَن جاهَدهم بقلبِه فهو مؤمنٌ . وليس وراءَ ذلك منَ الإيمانِ حَبةُ خردلٍ ."
الا ان هذا الجهاد مشتملعلى صور غير قتالية كجهاد اللسان والحجة والانكار

المناط الخامس: الاخذ على اليد
وفيه حديث خرق السفينة المشهور وهذه مرحلة اضافية فوق السابقة تكون بالاخذ على يد الظالم بالقوة وكفه عن منكره
وهو على الحاكم والمحكوم كما فسره عبد الله بن مسعود
عندما قال: يأتي امراء يأتون من المنكر كهذا وحلق باصبعه فاذا تركتموهم وما يفعلون اتوا بالطامة الكبرى ووسع بيديه

المناط السادس: اسقاط الشرعية والحراك السلمي للتغيير
وفيه رواية عن عبادة بن الصامت -عند ابن كثير وغيره- وقد اتى عثمان بن عفان من الشام منكرا افعالا لمعاوية ومعترضا عليه
"...فقام عبادةُ بنُ الصامتِ بين ظهراني النَّاسِ، فقال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أبا القاسمِ محمدًا يقولُ: إنه سيلي أمورَكُم بعدي رجالٌ يُعَرِّفونَكُم. ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعةَ لمن عصى اللهَ، فلا تعتلُّوا بربِّكم."
لا تعتلوا بربكم -اي لا تقول الله امرني بالصبر-
ويؤيده كلام ابو بكر الصديق في خطبة الخلافة "..فان عصيته فلا طاعة لي عليكم"
ويؤيده حديث اخر " ستكونَ عليكمْ أمُرَاءُ منْ بعدِي، يأمرونَكمْ بما لا تَعرِفُونْ، و يعمَلُون بما تُنْكرُونَ، فليسَ أولئكِ عليكمْ بأئمةٍ" -اي اسقاط شرعية بالكامل لانهم يريدون اضلال الامة- وقد رواها ابن ابي شيبة احمد والطبراني

المناط السابع: القتال والمنابذة بالسيف المحدودة
وفيه حديث ثوبان والنعمان بن بشير
"استقِيمُوا لقريشٍ ما استقاموا لكم فإن لم يستقيموا فضَعُوا سيوفَكم على عواتِقكم فأبيدُوا خضراءَهم فإن لم تفعلوا فكُونوا زرَّاعِينَ أشقياءَ"
ذكره ابن حجر في الفتح وغيره وقال رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا وله شاهد -يقصد حديث النعمان-
وممن تكلم في هذا باسهاب الامام ابن حزم لمعاصرته لملوك الطوائف في الاندلس على ما فيهم من بغي وظلم واستبداد واستعانة بالاعداء
واتى بحديث نزع الحكام وهو ان رسول الله بعث اميرا مع سرية فلم يمضى امر رسول الله
"بعثَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ سريَّةً فسَلَّحتُ رجلًا منْهم سيفًا فلمَّا رجعَ قالَ لو رأيتَ ما لامنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قالَ أعجزتُم إذ بعثتُ رجلًا منْكم فلم يمضِ لأمري أن تجعلوا مَكانَهُ مَن يمضي لأمري" الألباني-صحيح أبي داود
وحديث الزكاة لما اجاز النبي قتال من بغا عليك في اخذ الزكاة
"جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ . فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ! أرأيتَ إن جاءَ رجلٌ يريدُ أخذَ مالي ؟ قالَ فلا تُعطِهِ مالَكَ قالَ أرأيتَ إن قاتَلَني قالَ قاتِلهُ قالَ أرأيتَ إن قتَلَني قالَ فأنتَ شهيدٌ قالَ أرأيتَ إن قَتلتُهُ ؟ قالَ " هوَ في النَّارِ " .رواه مسلم

فالفقهاء عارضوا ابن حزم وقالوا ان الكلام عن اللصوص وليس الامراء فذكر حديث الزكاة والامراء هم يأخذون الزكاة
وحديث معاوية انه هم لاخذ مال او ارض لاحد لعبد الله بن عمر -او ابن عباس- فلبس لبس الحرب وجمع اهله للقتال فاعترضوا عليه بأنه امير
فقال انا اقاتله على مالي لحديث رسول الله من قتل دون ماله ...

وقال-ابن حزم- ان قتال البغاة عام يصح في الامراء او في من خرج عليهم وهو في هذا المناط قتال جزئي محدود للقيام الائمة بالدين جملة

المناط الثامن: القتال العام والمنابذة بالسيف
حيث الهلاك مع الانحراف وهو في حق "الائمة المضلين" الذين ذهبوا بالدين والدولة فهؤلاء لا فتنة اضر على الامة منهم

فمن لم يرزقه الله فهم هذه المناطات
اجملها بمناط واحد هو الصبر حتى جعلوها لمن انحرف عن الشريعة ونحى الشرع وتولى الكافرين واستعان بالناتو واتى بامريكا واتى بكل الموبقات والمكفرات
فمنعوا عنهم الكفر بتفسير مغلوط للايمان -اخراج العمل منن مسمى الايمان-
ومنعوا عنهم الكفر بتفسر مغلوط للحاكمية
واقاموا شرعيتهم بعدم فهم للشرعية -على اساس ان اي حاكم يحكم المسلمين هو ولي امر شرعي-
وجعلوهم ائمة منصورن ينصرون معهم من خرج عليهم ولو بحق
بينما هؤلاء ينطبق عليهم حديث الائمة المضلين الذين خرجوا بالامة من الايمان الى الكفر واضاعوا الدين والدولة وكان خوف رسول الله عليه السلام على الامة منهم اشد من خوفه عليها من الدجال
وهم من جاء بحقهم الحديث "أخوَفُ ما أخافُ عليكُم بَعدي منَ الدَّجَّالِ: أئمَّةً مضلِّينَ" ورد وصح عند كثيرين
.......................................
للاستزادة محاضرات الشيخ بعنوان :
ثوابت الدعوة وأسباب الاختلاف فى المشاركة السياسية
http://youtu.be/Mq8VwTmqneM
http://youtu.be/dHfN3Q8DFA0
http://youtu.be/1Vds_KVJEmM
http://youtu.be/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق