الحكومة الاسلامية في ظل الدولة القطرية
=======================
حين نتكلم عن النظام السياسي الآن ، فنحن نتكلم في حدود الدولة الُقطرية التي فرضت علينا منذ اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 م ، وسقوط الخلافة نهائيا عام 1924 م، وهي ظروف استثنائية تاريخية لحين عودة الخلافة الإسلامية عن قريب من جديد بعون الله ومشيئته ، إنه سميع قريب مجيب .
فالحكومة الإسلامية يترأسها سياسي ، وهو رئيس الجمهورية الإسلامية ، ويختار من خلال انتخابات حرة مباشرة .. ومدة ولايته خمس سنوات .. وله حق الترشح لمدتين فقط، حتى لا يحدث استبداد للسلطة وتبديد الثروة .
اقرب النظم المعاصرة هو النظام الرئاسي حيث تتوزع السلطات بين
تنفيذية -نيابية ورقابية (مجلس نواب) -التشريعية (مجلس الشيوخ) - القضائية
السلطة التنفيذية :
-------------------
تكون بيد رئيس الدولة يعاونه مجموعة وزراء
رئيس الدولة هو رئيس الحكومة بالوقت نفسه يختار من قبل الشعب بشكل مباشر او غير مباشر
مهمتها تنفيذ السياسات والقواعد التي يضعها المجس النيابي
يساعد الرئيس : الوزراء والإدارة السياسية الدائمة أو المعينة سياسيا والدوائر من مثل الشرطة والقوات المسلحة .
ويعاونه ثمانية تخصصات لها أشكال مختلفة إما في شكل نواب أو مساعدين أو أعضاء هيئة مكتب أو مستشارين أو هيئات قومية متخصصة ، وهؤلاء المعاونون :
-1 معاون اقتصادي .
-2 معاون عسكري .
-3 معاون أمن قومي ويشمل :
أ الأمن الداخلي .
ب الأمن الخارجي الإقليمي .
ج الأمن الخارجي الدولي .
4 - معاون شرعي ، بحيث يكون مجتهدا ، عالمًا بنصوص الكتاب والسنة ، وبفقههما ،وكذلك فقه المذاهب ، والفقه المقارن ، ومواضع الإجماع ، وكتب الاختلاف.
5 - معاون استراتيجي متخصص في كل من : الجغرافيا السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية (من حيث نظرية السكان وتركيبتهم ).
6- معاون في شئون التنمية .
7- معاون في الخدمات والبنية التحتية والبيئية .
8- معاون متخصص في نقل التكنولوجيا وصناعة القوة والتقد م لنقل البلد إلى
الصناعة المدنية والعسكرية والدخول في عصر الصناعة وعصر القوة والتقدم وعصر الدولة الحديثة .
هؤلاء المعاونون ليسوا مجرد أفراد بل مكاتب متخصصة قائمة على دراسات جادة وينوب عنهم ذلك المعاون .
رئيس الجمهورية هو من يختار ويشكل الحكومة .
.........
فائدة:
الحكومة لا تنتخب كما في النظام البرلماني ، منعا للاستبداد البرلماني الذي يسمح ببقاء رئيس الحكومة باختصاصات رئيس الجمهورية لمدد متطاولة ويسمح بتمرير المشاريع بطريقة (موافقون) دون دراسة حقيقية، وذلك لأن الحزب الفائز بالأغلبية فى النظام البرلماني هو الذى يقوم بتشكيل الحكومة ، ويكون رئيس الحكومة من نفس الحزب ، وقد يبقى مددا متطاولة طالما أن الحزب يختاره لرئاسة حكومته ، وبالتالى فالأغلبية البرلمانية المنوط بها الرقابة
على سياسات الحكومة هي التي تشكل الحكومة !!،
ومن هنا تكون الرقابة شكلية ، ويبقى الاستبداد البرلماني سمة لازمة لهذا النظام ، بل ويكون هذا الاستبداد مقننا .
وقد يصل الأمر إلى توريث رئاسة الحزب ، ومن ثم رئاسة الوزراء ، وتصبح عائلات حاكمة كما في الهند (انديرا غاندي من بعد ابوها والنها من بعدها والان زوجة ابنها!!) وكما في الباكستان عائلة بناظير بوتو وابو ها وزوجها!!
ويبقى عيب آخر فى النظام البرلماني فى حالة عدم حصول حزب ما على أغلبية كافية ، وفى هذه الحالة يلجأون إلى الحكومة الائتلافية ، وهى حكومة ضعيفة تسقط بانسحاب وزير او اكثر كما في لبنان وتصبح الحكومة هشة وضعيفة ومرهونة بابتزازات سياسية ، ومواقف حزبية أو شخصية تغيب بها عن مصالح الأمة ولا يوفر للحكومة لا القوة ولا الاستقرار اللازم لتنفيذ مشاريع وبرامج استرتيجية .
أما النظام الرئاسى فيمكن تحديد مدة الرئيس بمدة أو اثنتين ، كذلك لا يرتبط فيه منصب الرئاسة بالأغلبية البرلمانية فانتخابات الرئاسة منفصلة عن الانتخابات البرلمانية ، وقد تكون أغلبية البرلمان من حزب والرئيس من حزب مختلف ، وهنا تكون الرقابة جادة وموضوعية ، وبالتالى فالنظام الرئاسى لا يوجد به استبداد برلمانى دائم كما فى النظام البرلماني
وبالتالي فلا توريث ولا تقنين للاستبداد ولا تقنين لعملية (موافقون) الهزلية .
يقدم الرئيس نائبه الذي يكمل ما عنده من جوانب ضعف ، فمثلا قد يكون الرئيس متقن للأمور الخارجية وتركيزه فيها أعظم ويخشى أن يأتي هذا على حساب اهتماماته الداخلية ، والتي يجب أن يكون متقنا لها ولو بدرجة أقل ، فيكون نائبه متقنا للأمور الداخليةكمكمل له, وبالتالي يطمئن الناس إلى مستقبل من يختارونه وأنه لن يتقن في مجال دون مجال فتضيع طائفة من المصالح ، فتقدمه بفريقه يعطى صورة كاملة للأمة للاطمئنان والاختيار عن بينة .
.........
طرق اختيار الحاكم :
يوجد طريقان لاختيار الحاكم :
الأول : التقدم المباشر للأمة للانتخاب المباشر للرئيس الذي تختاره الأمة .
الثاني : ترشيح أهل الحل والعقد له وتقديمه للأمة للاختيار للموافقة أو الرفض .
وبناء على هذا فالصور الواقعية المقترحة اليوم :
1- الانتخاب المباشر للرئيس من قبل الأمة :
وهو يقوم بتشكيل حكومته مع انتخابات مباشرة أيضا ومستقلة للمجلس النيابي ..
وانتخابات أخرى مباشرة ومستقلة لمجلس الشيوخ ، ( أهل النظر والاجتهاد وسيأتي تفصيل شروط أعضائه وتفصيل وظيفتهم ) ، وهو مجلس أعلى من المجلس الأول وله وظيفة تقنين الشريعة .
2-نفس النظام السابق مع اختلاف :
وهو أنه في هذا النظام يختار الناس ممثليهم من أهل الحل والعقد ، ويقوم أهل الحل والعقد (البرلمان) بدورهم بترشيح عدد من المرشحين للرئاسة وتقديمهم للأمة للاختيار وهى طريقة قريبة من الجمع بين البيعة الخاصة (من أهل الحل والعقد) والعامة (الأمة بأكملها) ،
لأن البيعة الخاصة فقط أثبتت فشلها كما في لبنان بحرمانهم عموم الناس من الانتخاب المباشر وحصر الاختيار في البرلمان بالطريقة التوافقية والتي يتلاعب فيها النواب بين مختلف القوى ويتذبذبون بين شتى المواقف ويبقى الاختيار مبنيا على كتل وطوائف .
بينما الصواب أن يكون الاختيار مباشرا فقد يكون للشخصية قبولا خارج الطوائف
والتكتلات من بقية الناس حتى مع اختلاف الطائفة أو الكتلة .
3- المَلكية الدستورية :
وفى هذا النظام الملك يملك ولا يحكم ، وينص الدستور على هذا ، يكون هناك انتخابات
لاختيار رئيس الوزراء ، اختيارا حرا ، وهو يشكل حكومته ، وتكون هناك انتخابات
منفصلة للمجلس النيابي ، وهذا الفصل واجب وهام حتى يمنع :
أ الاستبداد البرلماني .
ب التهديد الدائم الموجود في الحكومات الائتلافية والذي قد تسقط فيه الحكومات بصوت أو اثنين أو أكثر .
4-نفس الوضع السابق :
لكن يكون للمجلس النيابي حق ترشيح عدد من المرشحين للأمة لاختيار رئيس الوزراء من بينهم (البيعة الخاصة والعامة )
ثانيا : السلطة الرقابية :
--------------------------
وتشكل من خلال انتخابات أخرى مستقلة سواء سمى مجلس شعب أو مجلس نيابي أو مجلس رقابي .
شروط نوابه ثلاثة :
-التمثيل لمن ينوب عنهم .
-الكفاءة .
-العدالة .
وظائف المجلس الرقابي :
1- الشورى الملزمة للإمام أو الرئيس .
2- الحسبة على الإمام أو الرئيس ، ومنها الرقابة المالية ومراقبة سياساته .
3- العزل والترشيح بالنسبة للإمام ، فلهم حق عزله عند انحرافه واستحقاقه للعزل بالشروط الشرعية ، ولهم حق ترشيح الأشخاص المؤهلين لمنصب الإمامة لتطرح أسماؤهم على الأمة لتختار من يحكمها .
- والأمة تشارك الحكومة في الحكم من خلال الشورى الملزمة والحسبة والمشاركة فى السياسات بالموافقة أو الرفض والتعديل .
-العمل الرئيس للسلطة التنفيذية والرقابية هو رعاية المصالح في إطار الشريعة ، وسياسة أمور الأمة ، وليس لهم دور في العمل التشريعي ، منعا لتسييس الدين ، أو خضوعه للأهواء والرغبات الشخصية .
ثالثا : السلطة التشريعية :
-------------------------- ----
مجلس أهل النظر الشرعي والاجتهاد :
التشريع حق خالص لله تعالى :
يقصد بالسلطة التشريعية : تلك الهيئة التي لها حق إصدار القواعد العامة الملزمة التي تحكم تصرفات الناس ، استنادا إلى حاكمية الشريعة ، وحق الله الخالص في التشريع داخل كيان الدولة.
وتقوم هذه الهيئة باستنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية من الكتاب والسنة ، وإيجاد تشريعات (بطرق الاجتهاد المنضبطة) لما يستجد من الأمور نتيجة للتطور الحضاري الذي وصلت البلاد إليه ، وتنظيم العلاقات سواء كانت داخلية أو دولية فيما لا يوجد دليل عليه من كتاب أو سنة ، فتمنع بذلك العبث بالقوانين ، كما هو الحال بالقوانين الوضعية فيما يسمى بترزية القوانين ،نتيجة لجدية أحكام الشريعة وانضباط أصول اجتهاداتها .
والسلطة التشريعية في الوضع الإسلامي تتمثل في مجلس أهل النظر الشرعي
والاجتهاد ، وهو عبارة عن :
1- علماء مجتهدون للنظر الشرعي ، ويكونون مستقلين عن أي أحزاب ، ويمكن أن ينتخبوا من خلال هيئاتهم الشرعية التي ينتمون إليها ، ويؤخذ منهم المتخصصون في علم الفقه والشريعة وليس مجرد المتخرج من كليات كداعية أو في مجال اللغة ، ويمكن ترشيحهم للانتخاب العام .
2-علماء قانون (للصياغة القانونية) ينتخب ون من هيئاتهم القانونية ، أو بالانتخاب العام .
3- علماء وخبراء وأمناء من الأمة لهم قبول عندها لصياغة المصالح والاحتياجات
والمشاكل وتوصيفها كمتخصصين لتقدم للعلماء المجتهدين لاستنباط الحكم الشرعي ، مع الصياغة القانونية من رجال القانون ، يتم اختيارهم بالانتخاب العام بعد ترشيح من مؤسسات المجتمع المدني المختصة أو ذات الصلة ، أو بالانتخاب العام مباشرة بعد تحديد الصفة .
والوظيفة هي :
1-صياغة القوانين الشرعية للأمة (تقنين الشريعة)
2-الاجتهاد عند النوازل ، وذلك بأن يعِرض عليهم المجلس النيابي اقتراحات قوانين وهو يستخرج الأحكام الشرعية والتي تصاغ صياغة شرعية قانونية من خلال رجال القانون المنتمين للمجلس .
رابعا : السلطة القضائية :
-------------------------- --
هي سلطة الفصل في المنازعات المعروضة أمامها . وهي فرع الدولة المسئول عن التفسير الرسمي للقوانين التي تسنها السلطة التشريعية فى الأوضاع العلمانية ، أو مجلس أهل النظر الشرعي والاجتهاد فى النظام الإسلامي ، وتنفذها الحكومة . وهي المسئولة عن القضاء والمحاكم في الدولة ، ومسئولة عن تحقيق العدالة ، كما أنها مسئولة عن مسيرة وتقاليد القضاء في الدولة ومصداقية القوانين التي تطبقها . ويكون لهذه السلطة مجلس أعلى ، ومحكمة دستورية، ولهم هيئة تمثلهم ولهم انتخاباتهم الخاصة . ويجب أن يكون القضاء مستقلا وألا يكون مسيسا .
........
فصل السلطات
هذه هي السلطات الأربع التي يقوم عليها نظام الحكم في الحكومة الإسلامية من أهم مظاهر الفصل بين السلطات حرمان السلطة التنفيذية من حق سن القوانين وحرمان الوزراء ورئيس الدولة من الاشتراك في مناقشات البرلمان وحرمانهم أيضا من حل المجلس النيابي .
كذلك فالحزب الحاكم لا يحتكر تفسير الشريعة ،
بل دوره في السلطة التنفيذية : يقدم الرئيس ، ويشارك في الحكومة ، ويشارك في المجلس الرقابي .. يقدم كوادر فنية متخصصة في الإطار التنفيذي .
الذي يفسر الشريعة فهو الأمة كلها ممثلة في أهل النظر والاجتهاد الذين تختارهم الأمة سواء من خلال انتخاب مباشر أو من خلال انتخابهم داخل دائرة العلماء المجتهدين .. وهم مستقلون لا ينتمون لأحزاب سياسية ، ولا يعملون بالسياسة .. وتصاغ الشريعة كقانون لكنه قانون رباني بعيد عن عبث الأهواء ، وهذا ما تلزمه عقيدة التوحيد .
هذه الصيغة من نظام الحكم تقبل تعدد الأحزاب .. وهى تعددية بقواعد شعبية تحت حاكمية الشريعة .. ولا بد من تداول سلمي للسلطة
للمزيد يرجع لكتاب :
الحكومة الاسلامية-رؤية تطبيقية معاصرة- دار الكلمة للنشر 2011
=======================
حين نتكلم عن النظام السياسي الآن ، فنحن نتكلم في حدود الدولة الُقطرية التي فرضت علينا منذ اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 م ، وسقوط الخلافة نهائيا عام 1924 م، وهي ظروف استثنائية تاريخية لحين عودة الخلافة الإسلامية عن قريب من جديد بعون الله ومشيئته ، إنه سميع قريب مجيب .
فالحكومة الإسلامية يترأسها سياسي ، وهو رئيس الجمهورية الإسلامية ، ويختار من خلال انتخابات حرة مباشرة .. ومدة ولايته خمس سنوات .. وله حق الترشح لمدتين فقط، حتى لا يحدث استبداد للسلطة وتبديد الثروة .
اقرب النظم المعاصرة هو النظام الرئاسي حيث تتوزع السلطات بين
تنفيذية -نيابية ورقابية (مجلس نواب) -التشريعية (مجلس الشيوخ) - القضائية
السلطة التنفيذية :
-------------------
تكون بيد رئيس الدولة يعاونه مجموعة وزراء
رئيس الدولة هو رئيس الحكومة بالوقت نفسه يختار من قبل الشعب بشكل مباشر او غير مباشر
مهمتها تنفيذ السياسات والقواعد التي يضعها المجس النيابي
يساعد الرئيس : الوزراء والإدارة السياسية الدائمة أو المعينة سياسيا والدوائر من مثل الشرطة والقوات المسلحة .
ويعاونه ثمانية تخصصات لها أشكال مختلفة إما في شكل نواب أو مساعدين أو أعضاء هيئة مكتب أو مستشارين أو هيئات قومية متخصصة ، وهؤلاء المعاونون :
-1 معاون اقتصادي .
-2 معاون عسكري .
-3 معاون أمن قومي ويشمل :
أ الأمن الداخلي .
ب الأمن الخارجي الإقليمي .
ج الأمن الخارجي الدولي .
4 - معاون شرعي ، بحيث يكون مجتهدا ، عالمًا بنصوص الكتاب والسنة ، وبفقههما ،وكذلك فقه المذاهب ، والفقه المقارن ، ومواضع الإجماع ، وكتب الاختلاف.
5 - معاون استراتيجي متخصص في كل من : الجغرافيا السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية (من حيث نظرية السكان وتركيبتهم ).
6- معاون في شئون التنمية .
7- معاون في الخدمات والبنية التحتية والبيئية .
8- معاون متخصص في نقل التكنولوجيا وصناعة القوة والتقد م لنقل البلد إلى
الصناعة المدنية والعسكرية والدخول في عصر الصناعة وعصر القوة والتقدم وعصر الدولة الحديثة .
هؤلاء المعاونون ليسوا مجرد أفراد بل مكاتب متخصصة قائمة على دراسات جادة وينوب عنهم ذلك المعاون .
رئيس الجمهورية هو من يختار ويشكل الحكومة .
.........
فائدة:
الحكومة لا تنتخب كما في النظام البرلماني ، منعا للاستبداد البرلماني الذي يسمح ببقاء رئيس الحكومة باختصاصات رئيس الجمهورية لمدد متطاولة ويسمح بتمرير المشاريع بطريقة (موافقون) دون دراسة حقيقية، وذلك لأن الحزب الفائز بالأغلبية فى النظام البرلماني هو الذى يقوم بتشكيل الحكومة ، ويكون رئيس الحكومة من نفس الحزب ، وقد يبقى مددا متطاولة طالما أن الحزب يختاره لرئاسة حكومته ، وبالتالى فالأغلبية البرلمانية المنوط بها الرقابة
على سياسات الحكومة هي التي تشكل الحكومة !!،
ومن هنا تكون الرقابة شكلية ، ويبقى الاستبداد البرلماني سمة لازمة لهذا النظام ، بل ويكون هذا الاستبداد مقننا .
وقد يصل الأمر إلى توريث رئاسة الحزب ، ومن ثم رئاسة الوزراء ، وتصبح عائلات حاكمة كما في الهند (انديرا غاندي من بعد ابوها والنها من بعدها والان زوجة ابنها!!) وكما في الباكستان عائلة بناظير بوتو وابو ها وزوجها!!
ويبقى عيب آخر فى النظام البرلماني فى حالة عدم حصول حزب ما على أغلبية كافية ، وفى هذه الحالة يلجأون إلى الحكومة الائتلافية ، وهى حكومة ضعيفة تسقط بانسحاب وزير او اكثر كما في لبنان وتصبح الحكومة هشة وضعيفة ومرهونة بابتزازات سياسية ، ومواقف حزبية أو شخصية تغيب بها عن مصالح الأمة ولا يوفر للحكومة لا القوة ولا الاستقرار اللازم لتنفيذ مشاريع وبرامج استرتيجية .
أما النظام الرئاسى فيمكن تحديد مدة الرئيس بمدة أو اثنتين ، كذلك لا يرتبط فيه منصب الرئاسة بالأغلبية البرلمانية فانتخابات الرئاسة منفصلة عن الانتخابات البرلمانية ، وقد تكون أغلبية البرلمان من حزب والرئيس من حزب مختلف ، وهنا تكون الرقابة جادة وموضوعية ، وبالتالى فالنظام الرئاسى لا يوجد به استبداد برلمانى دائم كما فى النظام البرلماني
وبالتالي فلا توريث ولا تقنين للاستبداد ولا تقنين لعملية (موافقون) الهزلية .
يقدم الرئيس نائبه الذي يكمل ما عنده من جوانب ضعف ، فمثلا قد يكون الرئيس متقن للأمور الخارجية وتركيزه فيها أعظم ويخشى أن يأتي هذا على حساب اهتماماته الداخلية ، والتي يجب أن يكون متقنا لها ولو بدرجة أقل ، فيكون نائبه متقنا للأمور الداخليةكمكمل له, وبالتالي يطمئن الناس إلى مستقبل من يختارونه وأنه لن يتقن في مجال دون مجال فتضيع طائفة من المصالح ، فتقدمه بفريقه يعطى صورة كاملة للأمة للاطمئنان والاختيار عن بينة .
.........
طرق اختيار الحاكم :
يوجد طريقان لاختيار الحاكم :
الأول : التقدم المباشر للأمة للانتخاب المباشر للرئيس الذي تختاره الأمة .
الثاني : ترشيح أهل الحل والعقد له وتقديمه للأمة للاختيار للموافقة أو الرفض .
وبناء على هذا فالصور الواقعية المقترحة اليوم :
1- الانتخاب المباشر للرئيس من قبل الأمة :
وهو يقوم بتشكيل حكومته مع انتخابات مباشرة أيضا ومستقلة للمجلس النيابي ..
وانتخابات أخرى مباشرة ومستقلة لمجلس الشيوخ ، ( أهل النظر والاجتهاد وسيأتي تفصيل شروط أعضائه وتفصيل وظيفتهم ) ، وهو مجلس أعلى من المجلس الأول وله وظيفة تقنين الشريعة .
2-نفس النظام السابق مع اختلاف :
وهو أنه في هذا النظام يختار الناس ممثليهم من أهل الحل والعقد ، ويقوم أهل الحل والعقد (البرلمان) بدورهم بترشيح عدد من المرشحين للرئاسة وتقديمهم للأمة للاختيار وهى طريقة قريبة من الجمع بين البيعة الخاصة (من أهل الحل والعقد) والعامة (الأمة بأكملها) ،
لأن البيعة الخاصة فقط أثبتت فشلها كما في لبنان بحرمانهم عموم الناس من الانتخاب المباشر وحصر الاختيار في البرلمان بالطريقة التوافقية والتي يتلاعب فيها النواب بين مختلف القوى ويتذبذبون بين شتى المواقف ويبقى الاختيار مبنيا على كتل وطوائف .
بينما الصواب أن يكون الاختيار مباشرا فقد يكون للشخصية قبولا خارج الطوائف
والتكتلات من بقية الناس حتى مع اختلاف الطائفة أو الكتلة .
3- المَلكية الدستورية :
وفى هذا النظام الملك يملك ولا يحكم ، وينص الدستور على هذا ، يكون هناك انتخابات
لاختيار رئيس الوزراء ، اختيارا حرا ، وهو يشكل حكومته ، وتكون هناك انتخابات
منفصلة للمجلس النيابي ، وهذا الفصل واجب وهام حتى يمنع :
أ الاستبداد البرلماني .
ب التهديد الدائم الموجود في الحكومات الائتلافية والذي قد تسقط فيه الحكومات بصوت أو اثنين أو أكثر .
4-نفس الوضع السابق :
لكن يكون للمجلس النيابي حق ترشيح عدد من المرشحين للأمة لاختيار رئيس الوزراء من بينهم (البيعة الخاصة والعامة )
ثانيا : السلطة الرقابية :
--------------------------
وتشكل من خلال انتخابات أخرى مستقلة سواء سمى مجلس شعب أو مجلس نيابي أو مجلس رقابي .
شروط نوابه ثلاثة :
-التمثيل لمن ينوب عنهم .
-الكفاءة .
-العدالة .
وظائف المجلس الرقابي :
1- الشورى الملزمة للإمام أو الرئيس .
2- الحسبة على الإمام أو الرئيس ، ومنها الرقابة المالية ومراقبة سياساته .
3- العزل والترشيح بالنسبة للإمام ، فلهم حق عزله عند انحرافه واستحقاقه للعزل بالشروط الشرعية ، ولهم حق ترشيح الأشخاص المؤهلين لمنصب الإمامة لتطرح أسماؤهم على الأمة لتختار من يحكمها .
- والأمة تشارك الحكومة في الحكم من خلال الشورى الملزمة والحسبة والمشاركة فى السياسات بالموافقة أو الرفض والتعديل .
-العمل الرئيس للسلطة التنفيذية والرقابية هو رعاية المصالح في إطار الشريعة ، وسياسة أمور الأمة ، وليس لهم دور في العمل التشريعي ، منعا لتسييس الدين ، أو خضوعه للأهواء والرغبات الشخصية .
ثالثا : السلطة التشريعية :
--------------------------
مجلس أهل النظر الشرعي والاجتهاد :
التشريع حق خالص لله تعالى :
يقصد بالسلطة التشريعية : تلك الهيئة التي لها حق إصدار القواعد العامة الملزمة التي تحكم تصرفات الناس ، استنادا إلى حاكمية الشريعة ، وحق الله الخالص في التشريع داخل كيان الدولة.
وتقوم هذه الهيئة باستنباط الأحكام الشرعية من الأدلة التفصيلية من الكتاب والسنة ، وإيجاد تشريعات (بطرق الاجتهاد المنضبطة) لما يستجد من الأمور نتيجة للتطور الحضاري الذي وصلت البلاد إليه ، وتنظيم العلاقات سواء كانت داخلية أو دولية فيما لا يوجد دليل عليه من كتاب أو سنة ، فتمنع بذلك العبث بالقوانين ، كما هو الحال بالقوانين الوضعية فيما يسمى بترزية القوانين ،نتيجة لجدية أحكام الشريعة وانضباط أصول اجتهاداتها .
والسلطة التشريعية في الوضع الإسلامي تتمثل في مجلس أهل النظر الشرعي
والاجتهاد ، وهو عبارة عن :
1- علماء مجتهدون للنظر الشرعي ، ويكونون مستقلين عن أي أحزاب ، ويمكن أن ينتخبوا من خلال هيئاتهم الشرعية التي ينتمون إليها ، ويؤخذ منهم المتخصصون في علم الفقه والشريعة وليس مجرد المتخرج من كليات كداعية أو في مجال اللغة ، ويمكن ترشيحهم للانتخاب العام .
2-علماء قانون (للصياغة القانونية) ينتخب ون من هيئاتهم القانونية ، أو بالانتخاب العام .
3- علماء وخبراء وأمناء من الأمة لهم قبول عندها لصياغة المصالح والاحتياجات
والمشاكل وتوصيفها كمتخصصين لتقدم للعلماء المجتهدين لاستنباط الحكم الشرعي ، مع الصياغة القانونية من رجال القانون ، يتم اختيارهم بالانتخاب العام بعد ترشيح من مؤسسات المجتمع المدني المختصة أو ذات الصلة ، أو بالانتخاب العام مباشرة بعد تحديد الصفة .
والوظيفة هي :
1-صياغة القوانين الشرعية للأمة (تقنين الشريعة)
2-الاجتهاد عند النوازل ، وذلك بأن يعِرض عليهم المجلس النيابي اقتراحات قوانين وهو يستخرج الأحكام الشرعية والتي تصاغ صياغة شرعية قانونية من خلال رجال القانون المنتمين للمجلس .
رابعا : السلطة القضائية :
--------------------------
هي سلطة الفصل في المنازعات المعروضة أمامها . وهي فرع الدولة المسئول عن التفسير الرسمي للقوانين التي تسنها السلطة التشريعية فى الأوضاع العلمانية ، أو مجلس أهل النظر الشرعي والاجتهاد فى النظام الإسلامي ، وتنفذها الحكومة . وهي المسئولة عن القضاء والمحاكم في الدولة ، ومسئولة عن تحقيق العدالة ، كما أنها مسئولة عن مسيرة وتقاليد القضاء في الدولة ومصداقية القوانين التي تطبقها . ويكون لهذه السلطة مجلس أعلى ، ومحكمة دستورية، ولهم هيئة تمثلهم ولهم انتخاباتهم الخاصة . ويجب أن يكون القضاء مستقلا وألا يكون مسيسا .
........
فصل السلطات
هذه هي السلطات الأربع التي يقوم عليها نظام الحكم في الحكومة الإسلامية من أهم مظاهر الفصل بين السلطات حرمان السلطة التنفيذية من حق سن القوانين وحرمان الوزراء ورئيس الدولة من الاشتراك في مناقشات البرلمان وحرمانهم أيضا من حل المجلس النيابي .
كذلك فالحزب الحاكم لا يحتكر تفسير الشريعة ،
بل دوره في السلطة التنفيذية : يقدم الرئيس ، ويشارك في الحكومة ، ويشارك في المجلس الرقابي .. يقدم كوادر فنية متخصصة في الإطار التنفيذي .
الذي يفسر الشريعة فهو الأمة كلها ممثلة في أهل النظر والاجتهاد الذين تختارهم الأمة سواء من خلال انتخاب مباشر أو من خلال انتخابهم داخل دائرة العلماء المجتهدين .. وهم مستقلون لا ينتمون لأحزاب سياسية ، ولا يعملون بالسياسة .. وتصاغ الشريعة كقانون لكنه قانون رباني بعيد عن عبث الأهواء ، وهذا ما تلزمه عقيدة التوحيد .
هذه الصيغة من نظام الحكم تقبل تعدد الأحزاب .. وهى تعددية بقواعد شعبية تحت حاكمية الشريعة .. ولا بد من تداول سلمي للسلطة
للمزيد يرجع لكتاب :
الحكومة الاسلامية-رؤية تطبيقية معاصرة- دار الكلمة للنشر 2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق