الجمعة، 28 فبراير 2014

الخط الحركي للدعوة الاسلامية

الخط الحركي للدعوة الاسلامية

=================
إن مفاهيم الايمان والاسلام وعلاقة الحاكم بالمحكوم مفاهيم استقرت نظريا ولابد من تفعيلها
والانتقال من الفكر والتأصيل الى التفعيل بالواقع وذلك عبر خط حركي تكتيتي واضح المعالم
يتميز بالسرعة والديناميكية مواكبة العصر
كان النمو مقتصرا على الجانب النظري التأصيلي ورافقه جمود في المجال الدعوي التربوي فضلا عن جمود تام في الجانب الحركي

قال الاستاذ سيد قطب:"لا يصح نمو حركي اكبر من النظري ولا نظري اكبر من الحركي ولابد للمسارين من التلازم"
-إن الهدف النهائي الاستراتيجي للدعوة الاسلامية هو اقامة الدولة الاسلامية
وهذا الهدف تسبقه خطوات ومراحل وحركات مبنية على السياسة الشرعية وفقه السيرة تأخذ منهما عبرا وهديا نبويا
- التقدم بالخطوات العملية الحركية سيصتدم دوما بالذين توقفوا عند مرحلة النمو النظري اوالفكري دون النمو الحركي

-الاهداف المرحلية قد تبدو علاقتها الواضحة بالهدف النهائي وقد لاتبدو لكنها بالنهاية لابد انها تخدمه بوجه من الوجوه
-اقل هذا النمو الحركي ان يكون لنا غطاء سياسي يؤمن حماية الدعوة والدعاة من البطش -حتى نتمكن من تحقيق اهدافنا- من المؤمين او من غير المؤمنين

كما احتمى النبي عليه السلام بسيوف بني هاشم مؤمنهم وكافرهم واحتمى بعمه ودخل في جوار المطعم بن عدي وخزاعة كانت حليفته مؤمنهم وكافرهم ...الخ
فرسول الله لم يسوي بين موقف المحاد والمحايد والمتعاطف
-فمن اهل مكة من كان حربا على محمد واصحابه
-ومن اهل مكة من قال دعوا محمد فإن يظهر فهو خير لكم وإن تأكله العرب فقد كفيتموه..
-اخرون كانوا متعاطفين كالذين ارسل الطعام للمحاصرين في الشعب ثم نقضوا الحصار
فلم يرفض رسول الله تلك الانفراجة وفرح بها وقال لعمه انظر الى الصحيفة لم يبقى منها الا اسم الله ..

كذلك لما ارسل الناس الى النجاشي وقال "لايظلم عنده احد"
ومنه فرح الصحابة بانتصار النجاشي على من خرج عليه
كذلك هل يستوي من مزق خطاب رسول الله فدعا عليه بتمزيق ملكه مع من تلقاه بالاحترام وارسل له الهدايا
من ذلك تدرج التحريم وفي عمليات القتال
من ذلك خوفهم على بيضة الاسلام من الروم وتخوفهم من غزوهم وقت الخندق حين كانوا يبيتون في الحديد
ثم بعد الخندق قال :"الان نغزوهم ولا يغزونا" وبعدها اتى بجعفر من الحبشة
وكان قد ابقاه خوفا من استئصال الاسلام في المدينة وحرصا على استمرار الدعوة في موطن اخر

-قصر الدعوة في اولها على قريش حتى لا تجتمع العرب مبكرا على الاسلام واهله
فحين جاء نعيم بن مسعود مسلما اوصاه بالكتمان وقال له ارجع فخذل بين المشركين
وقال لابي ذر انما انت رجل واحد فإذا رأيتنا ظهرنا فأتنا
كذلك الطفيل بن عمرو الدوسي وارجاعه لقومه داعيا لهم وحتى يأمن المسلمون قومه
فقد قال الله تعالى "كزرع اخرج شطئة فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه" يعني التدرج
كذلك التدرج في احكام القتال :
-من حديث "كفوا ايدكم"
-"أذن للذين يقاتلون.."
-"قاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا.."
-"قاتلوا الذين يلونكم من الكفار .."
-"قاتلوا المشركين كافة .."

-من ذلك ايضا التوجيه بـ"دع أذاهم" اذا كان الاسلام فيه انكسار والتوجيه بـ"قاتل الكفار والمنافقين..." اذا كان للاسلام ظهور
كل ما سبق امور مرتبطة بالحركة وهو الخط الحركي الذ كان يدرسه الاستاذ سيد بمرجعية السياسة الشرعية وفقه السيرة
وقد قال رحمه الله في الظلال: "كل نمو نظري يسبق النمو الحركي ولا يتمثل خلاله هو خطأ وخطر كذلك بالقياس الى طبيعة هذا الدين وغاياته وطريقة تركيبه الذاتي
قال الله تعالى :"وقرأنا فرقناه على مكث ونزلناه تنزيلا" فالفرق مقصود والمكث مقصود كذلك ليتم البناء التكويني المؤلف من عقيدة في صورة "منظمة حية" لا "نظرية معرفية"

-فالجامدون على النظري دون الحركي يرفضون هذا الخط التكتيكي تحت حجج انه قبول بديمقراطية شركية او انه اقرار لمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"
كان سيد رحمه الله يقول :" إذا اعتقدم عقيدة اهل السنة بحذافيرها ثم لم تعملوا على احياء الامة فأنتم فرقة جديدة أضيفت للمسلمين"
إن الاحياء يحتاج حركة وهي كلمة حسن البنا التي كان يوصي بها سيد قطب : "انتم روح تسري في الامة فتحييها بالقرأن ,لستم حركة محدودة ...."
هذا السريان هو تغلغل وانتشار في كل مكان وليس انزواءا او انسحابا او رضى بالسجون والمعتقلات والقبول بالتزام عقيدة دون حركة وعدم دفع المخاطر الحالية والمستقبلية

-من الفهم السقيم اعتقاد بعض الاخوة ان العمل الدعوي هو افتتاح كتاتيب لتحفيظ القرأن وبعض مسائل الفقه دون تعليم الامة مسائل الحكم والحاكمية وفقه المعاملات ومنهج احياء الامة وفق التوجيه الرباني الشامل
وفهموا ان نقف عند قضايا التوحيد ونعتنقها ولا علينا ان هلك الناس بعد ذلك
فتقاعسوا وانزووا ولم يكونوا روحا تسري في الامة
وصارت اقوام تظن اننا مجرد أمة من الامة وان صفحة العداء التاريخي مع اليهود والصليبين قد طويت
وانه لاعلاقة لنا بقضايا الامة المختلفة ولا بأحوال معيشة الناس وغلاء الاسعار والبطالة والعنوسة ...الخ
-يكتفى احدهم بعقيدته ويقول ستنجيني من النار ولا شأن لي أخر

-والمرجئة يعتبرون الامر مجرد معالجة انحراف وان الوجودين الشرعي والتاريخي للامة مستمران لم ينقطع احدهما
وان انحرافات الحكام اليوم كانحرافات يزيد وان العلمانية كانحرافات قديمة ولا فروق جوهرية ولا يؤصلون للاحياء ولا اعادة البناء
-المغالون بالتكفير يرون الامة واعداءها ملة واحدة والامة عندهم هم الناس الذين يدعونهم ويربونهم على مفاهيم الولاء والبراء والخصومة
وكأن نبيا جديدا قد بعث! وقد اصدروا شهادة وفاة للاسلام واهله وانعزلوا عن الامة حتى توقف الخطاب الدعوي عند الحد النظري التأصيلي
فلما اردنا تفعيل الجانب الحركي وسعينا لايجاد غطاء سياسي قالت الاصناف السابقة هذه مشاركة والمشاركة ديمقراطية شركية و انغماس بالكفر لتحقيق المصلحة

وكأنه يريد استمرار الاستبداد ويرفض حرية الاختيار
فالمفهوم الاستبداي مع الاعتزال عن المشاركة -لاسيما بعد الثورة- يعني سجون ومعتقلات وتضييق مع ضعف للبلد وعدم قدرة على الخروج من مستنقع الدول النامية
وبالتالي عدم القدرة على تفعيل مفاهيم الولاء والبراء ومناصرة المظلوم واعادة الحضارة للامة ..الخ
-حزب الله الشيعي في لبنان ادرك اهمية الغطاء السياسي وشارك بالحكومات اللبنانية فحمى نفسه من تهمة الارهاب وحافظ على سلاحه وشرعن وجوده

-الخط الحركي يهدف من المشاركة بعد الثوارت الى 1-كسب القواعد الشعبية 2- اعداد بيوت الخبرة اللازمة 3-اقامة حكومة ظل تهييئا لاقامة الدولة الاسلامية
التي تحكم بالشريعة عبر حكومة اسلامية تتحمل ملفات الامن والدفاع والعلاقات الدولية ..الخ
-الدعوة لاتقدم نفسها بديلا عن النبي عليه الصلاة والسلام بل بديلا عن
1-ابن تيمية في الاحياء السني
2-وبديلا عن صلاح الدين في الحركة نحو التمكين
فصلاح الدين كان وزيرا للدولة العبيدية الرافضية حتى نزعها وكانت دولة كفرية ولا ريب وانما كان عمل صلاح الدين يهدف لتوحيد الجبهة واسترداد القدس

ولايمكن ان نحاكم الاهداف المرحلية بمعايير الاهداف النهائية فلكل مرحلة نصيبها من القوة والقدرة
وتفعيل المبادئ على الارض يكون بحسب القوة في هذه المرحلة
ففي المرحلة الاولى يكون الهدف هو حماية المسيرة من المصادرة
كما حمى الرسول يوما مسيرته بالسرية ثم بسيوف بني هاشم
ثم دخل بعد ذلك في مرحلة اخرى هي "اذن للذين بقاتلون" ثم في مرحلة لاحقة " قاتلوا الذين يقاتلونكم " وهكذا
ولم يستبق الزمان ويصادر على المرحلة الاولى لانه لا يستهدف الا المرحلة الاخيرة!!
فاختار ان يمشي مع الممكن مرحلة مرحلة

وفي مرحلة الدعوة الاولى لانستطيع الا
1-نشر الخطاب الدعوي
2-بالاضافة لنشاط مجتمعي بهدف التغلغل
3-وان احمي مسيرة الدعوة بالتعاون مع من يتعاطف مع قضيتي ولا يقوض الدعوة ولا يعني كفره او علمانيته او منهجه في هذه المرحلة
ولا بأس ان اشارك في معركة بناء الدولة وتقويتها وكسر طوق الفقر والدول النامية والضعف العسكري ولو مع علمانيين وطنيين
حتى اذا بلغت من القوة حالة اكبر من ذلك ادخل في مرحلة جديدة وهكذا
ولا نطيح البصر الى مسائل بعيدة ونحن قلة قليلة غير قادرون على الانتشار في كل انواع الانشطة في المجتمع والدولة.

للمزيد
http://www.youtube.com/watch?v=wPnA2XFet3U

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق